الدكتور هاني زويل نجل عالم نوبل الكبير - الحقيقة نيوز

الثلاثاء، 23 ديسمبر 2025

الدكتور هاني زويل نجل عالم نوبل الكبير


 كان عاشقًا لصوت أم كلثوم ويستمع لها يوميًا.. ولم يغيّر سيارته طوال 40 سنة

حياتنا في أمريكا كانت شديدة البساطة 

لم أشعر بحجم شهرة أبي إلا بعدما جئت إلى مصر

د. أحمد زويل واحد من أهم الأسماء في تاريخ مصر، ليس فقط لما قدّمه للعلم أو لحصوله على جائزة نوبل في العلوم كأول مصري، ولكن كذلك لحبه الكبير لمصر وشعبيته الكبيرة بين أهلها، وما زال الأثر الطيب الذي تركه باقيًا رغم رحيله.. وفي هذا الحوار يتحدث ابنه د. هاني زويل عن الجانب الذي لا نعرفه كثيرًا في شخصية عالم نوبل الشهير.. زويل الإنسان والأب، كيف كان؟ وما أهم ما كان يميّزه؟ وكيف كانت أيامه الأخيرة؟ وبماذا أوصى أولاده؟!##



كيف كان الأب الدكتور أحمد زويل؟

والدي كان شغله الشاغل هو العلم، زرع بداخلي أنا وأخي نبيل منذ طفولتنا قيمة التعليم وأهمية الوعي بأنه هو السبيل الوحيد لنجاح الإنسان في الحياة. وقد كان رجلًا بسيطًا، ودائمًا يحكي لنا عن مشواره وكيف تخرّج في جامعة الإسكندرية ثم أصبح العالم كله يعرفه بفضل العلم. ولا أنسى أهم درس تعلّمته منه عن قيمة العلم، التي هي أعلى من أي أموال أو شهرة، عندما تبرّع بنصف المبلغ الذي تقاضاه من جائزة نوبل – كان في حدود مليون دولار – لصالح شباب يتعلمون ويقدّمون أبحاثًا. وأتذكر أنه لم يرضَ مطلقًا بنتيجتي في الثانوية العامة، رغم حصولي على ٩٦٪، وقال لي نصًا: "ضيّعت الـ٤٪ فين؟!" وكان يرى أنه كان عليّ أن أحصل على نتيجة أعلى.

والدي كان أبًا حنونًا متفهّمًا، تربيته لي ولأخي نبيل الذي درس السياسة والاقتصاد كانت قائمة على الحرية واحترام الخصوصية والوعي بقيمة الوقت، وحرص على أن يغرس بداخلنا المبادئ مثل أي أب شرقي، رغم انشغاله الشديد بحكم قيمته العلمية الكبيرة وأبحاثه##



كانت للدكتور زويل حياة شخصية يومية غير معروفة إعلاميًا للكثيرين، ماذا كانت أبرز ملامحها؟

أبي كان رجلًا متواضعًا جدًا، بسيطًا لدرجة يندهش لها الناس. لم يشعرنا مطلقًا بأهميته أو شهرته، لا قبل نوبل ولا بعدها. لا أنسى أنه لم يغيّر سيارته طوال ٤٠ سنة. لم يكن يهتم بالمظاهر ولم تكن تشغله، كانت سيارته وسيارة أمي موديلات بسيطة، والبيت من طابق واحد، مع أنه كان بإمكانه شراء بيت كبير.##



هل كنت تزور مصر بانتظام أم عشت طفولتك وشبابك في أمريكا؟

وُلدت في أمريكا من أم سورية، والدتي هي الدكتورة الجامعية ديما. كانت قد سافرت مع والدي بعد الزواج، وكانت تدرّس أيضًا في إحدى جامعات أمريكا، وحياتنا كلها كانت بالولايات المتحدة وبشكل بسيط. كنا نزور سوريا حيث أهل أمي، ولذلك لهجتي العربية سورية بحكم لغة الوالدة، ولم نكن نأتي إلى مصر بحكم أن حياتنا كلها كانت في أمريكا، ولم أزر مصر سوى مرتين تقريبًا. ولكنني مؤخرًا قررت المجيء إلى مصر وسأبقى لعام تقريبًا هنا، لأنني أعمل على رسالة الدكتوراه، وجزء منها لا بد أن يكون في بلد آخر غير أمريكا، فاخترت مصر.

رسالة الدكتوراه ستكون عن الفلسفة العلمية للموسيقى في مصر... بمعنى أدق: علاقة علماء الفلسفة الكبار بالموسيقى مثل الكندي، والفارابي، وابن سينا. فهؤلاء العلماء الفلاسفة الكبار كان لديهم ارتباط شديد بالموسيقى، وهو ما ترصده رسالتي.

وبالمناسبة... أنا منذ طفولتي وأنا أعزف على العود وأحاول الاستماع لكبار المطربين، وأعشق فريد الأطرش تحديدًا، وتقريبًا أحفظ معظم أغنياته.##



وهل الدكتور زويل شجّعك على هذه الهواية؟

هو السبب في حبي للموسيقى لأنه كان عاشقًا للسيدة أم كلثوم، وتقريبًا كان يسمعها يوميًا ويشرح لي الكلمات والمعاني. ولكنه لم يكن يشجّعني على العزف خوفًا على دراستي، لكنه هو من غرس داخلي عشق الموسيقى. ولذلك قررت أن أبحث في أصول الموسيقى وجذورها وعلاقتها بالعلماء.##



هل كان زويل شخصية مشهورة في أمريكا مثلما كان الحال في مصر؟ وهل كنتم تُعامَلون بشكل استثنائي بحكم النجاح الكبير لوالدك؟

نهائيًا... والدي كان يتم التعامل معه ومع أسرته بشكل عادي جدًا مثل أي مواطن هناك. لم أشعر بحجم شهرة أبي وبحجم التقدير الكبير لحصوله على جائزة نوبل إلا بعدما جئت إلى مصر. طبعًا هناك تقدير للعلماء، ولكن ليس بالحجم الكبير الذي شعرت به هنا. الدولة هنا تحترم اسم أحمد زويل كثيرًا، فقد تم إطلاق اسمه على مدرسته القديمة، وكذلك على استوديوهات تم افتتاحها في ماسبيرو، والأهم المحبة والتقدير في عيون الناس.##



هل شعرت في مرحلة من حياتك أن كونك ابن الدكتور زويل يحمّلك نوعًا من المسؤولية أو يفرض عليك بعض الاختيارات أو الالتزامات؟

طبعًا، فلا بد أن أحافظ على اسم الوالد وسيرته، وهذا طبعًا فرض بعض الأمور. ولكن الشيء الصعب كان أن البعض ينتظر مني أن أصبح عالمًا مثله، وهو طبعًا أمر غير منطقي. والدي كان استثنائيًا في كل شيء، وهو ربّاني أنا وأخي بشكل فيه حرية اختيار الدراسة والتخصص والعمل، ولم يفرض علينا أي شيء. وهذا الأمر لم يضايقني ولم أشعر به في أمريكا، ولكنني شعرت بهذه المقارنة أو توقّع الناس بأن أصبح مثله في سوريا وفي مصر، ولعلها طبيعتنا كشعوب شرقية.##



وماذا عن الواقعة الشهيرة، وهي أنك استسلمت للنوم أثناء تسلّم والدك جائزة نوبل؟

ذهبنا لحفل تسليم جوائز نوبل، أبي وأمي وأنا وأخي، والحقيقة كنا فخورين جدًا بوالدي حينها. كان عمري ٥ سنوات، وكنا ننتظر صعود أبي لتسلّم الجائزة.. لكنني فجأة نمت! والتُقطت الصور وأنا نائم، ومن وقتها وهذه القصة تطاردني.##



كيف كانت الأيام الأخيرة في حياة الدكتور زويل أثناء مرضه؟ وهل أوصاكم بشيء؟

والدي كان يقدّس العلم والعمل، فكان يعمل وهو في غرفته بالمستشفى على أبحاثه. كان يقول إنه يريد أن يترك شيئًا مفيدًا لمصر. كان يتابع رسائل الماجستير التي يشرف عليها لتلاميذه، وكلما دخلت عليه المستشفى وجدته وفي يده ورقة وقلم.

ورغم صراعه مع المرض الشرس، إلا أنه كان مؤمنًا بقضاء الله، وكان يوصيني أنا وأخي بأن نحافظ على القيم والأخلاقيات التي علّمنا إياها.##